الخامس: الفكرة في مقابح الصورة التي تدعوه نفسه إليها، إن كانت معروفة بالإجابة له ولغيره.
فيعز نفسه أن يشرب من حوض ترده الكلاب والذئاب والحشرات.
ومن له أدنى مروءة ونخوة يأنف من هذا القبح الذي يغطي كل جمال وملاحة في الوجه والبدن.
فالزنى قبيح وخبيث، وقبحه وخبثه ينتشر على الزاني والزانية.
وإذا أراد الإنسان معرفة ذلك، فلينظر إلى القبح والخبث الذي يعلو وجه أحدهما في كبره، وكيف يقلب الله تلك المحاسن مقابح، حتى تعلو الوحشة والقبح وجهه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)} [الإسراء: ٣٢].
وأما تقوية باعث الدين فإنه يكون بأمور:
أحدهما: إجلال الله تبارك وتعالى أن يُعصى وهو يرى ويسمع.
وأن يشهد محبته سبحانه، فيترك معصيته محبة له، فإن المحب لمن يحب مطيع، وأفضل الطاعة طاعة المحبين، وأفضل الترك ترك المحبين.
الثاني: مشهد النعمة والإحسان، فالكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه، وإنما يفعل هذا لئام الناس، فليمنعه مشهد إحسان الله إليه ونعمته عليه عن معصيته حياءً منه.
فلا يحسن أن تكون نعم الله تنزل عليه، ومعاصيه وقبائحه صاعدة إلى ربه، فملك ينزل بهذا .. وملك يعرج بهذا .. فأقبح بها من مقابلة.
الثالث: مشهد الغضب والانتقام، فإن الرب جل جلاله إذا تمادى العبد في معصيته غضب، وإذا غضب جل جلاله لم يقم لغضبه شيء، فضلاً عن هذا العبد الضعيف.
الرابع: أن يتذكر كم يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة، وما يحدث له بها من كل اسم مذموم شرعاً وعقلاً وعرفاً، وتزول عنه من الأسماء الممدوحة شرعاً وعقلاً وعرفاً.