للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصفاء: اسم للبراءة من الكدر.

وهو على ثلاث درجات:

الأولى: صفاء علم يهذب لسلوك الطريق، وهو العلم الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهذا العلم الصافي المتلقى من مشكاة الوحي يهذب صاحبه لسلوك طريق العبودية.

وحقيقة العبودية: التأدب بآداب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهراً وباطناً .. وتحكيمه باطناً وظاهراً .. والاقتداء به في سائر الأحوال والأقوال والأفعال .. وصفاء علم يهدي صاحبه إلى الغاية المقصودة بالاجتهاد والتشمير.

فأكثر الناس سالك بجده واجتهاده غير منتبه إلى المقصود.

وصفاء علم يصحح همة القاصد، ومتى صحت الهمة علت وارتفعت.

وأعلى الهمم:

همة اتصلت بالحق سبحانه طلباً وقصداً، وأوصلت الخلق إليه دعوة ونصحاً، وشمرت للعمل بدينه وحفظه، والجهاد في سبيله.

وهمم العباد متفاوتة:

فهمة متعلقة بمن فوق العرش .. وهمة حائمة حول الحش .. وبينهما من الهمم ما لا يعلمه إلا الله .. وقيمة كل امرئ بقدر ما يطلبه.

الثانية: صفاء الحال، فالحال ثمرة العلم، ولا يصفو حال إلا بصفاء العلم المثمر له، وعلى حسب شوب العلم يكون شوب الحال.

وإذا صفا الحال شاهد العبد آثار الحقائق وهي حلاوة مناجاة الله، فمتى صفا قلبه من الشوائب ذاق حلاوة الإيمان، وحلاوة المناجاة، ونسي به ما سوى الله، واشتغل بالحق عن الخلق.

الثالثة: صفاء اتصال بربه، فمن تمكن الإيمان من قلبه، وصفا له علمه وحاله، اندرج عمله جميعه في مرضاة ربه، ورآه في جنب حق ربه أقل من خردلة بالنسبة لجبال الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>