ويشفى بهم العليل، ويستضاء بنور هدايتهم ونصحهم، يقتدي بهم إذا سكتوا، وينتفع بهم إذا نطقوا.
فحركاتهم وسكناتهم، ونطقهم وسكوتهم لما كان بالله ولله وعلى أمر الله .. جذبت قلوب الصادقين إليهم، وهذا النور الذي أضاء على الناس منهم هو نور العلم والمعرفة.
والعلماء ثلاثة:
عالم استنار بنور العلم، واستنار به الناس، فهذا من خلفاء الرسل، وورثة الأنبياء.
وعالم استنار بنوره، ولم يستنر به غيره، فهذا إن لم يفرط كان نفعه قاصراً على نفسه، فبينه وبين الأول ما بينهما.
وعالم لم يستنر بنوره، ولا استنار به غيره، فهذا علمه وبال عليه، وبسطته للناس فتنة لهم، وبسطة الأول رحمة لهم.
وطائفة بسطت لقوة معاينتهم، وثبات مناظر قلوبهم، ورؤية ربهم في جميع أوقاتهم وأحوالهم.
وطائفة بسطت أعلاماً على الطريق، وأئمة للهدى، ومصابيح للسالكين، فهذه الفرقة أعلى مما قبلها؛ لأنها اتصفت بما اتصفت به الأولى من الأعمال، واتصفت بما اتصفت به الثانية من الأحوال.
وزادت عليهما بالنفع للسالكين، والهداية للحائرين، والإرشاد للطالبين، فاهتدى بهم الحائر، واستقام بهم المعوج، وأقبل بهم المعرض، وكمل بهم الناقص.
وهؤلاء هم خلفاء الرسل، وهم أولو البصر واليقين، فجمعوا بين البصيرة والبصر كما قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)} [السجدة: ٢٤].
فلا يستوي من شرح الله صدره للإسلام فاتسع لتلقي أحكام الله، والعمل بها،