وهذا كله صعب في بادئ الأمر، فإن نفسه وهواه وشيطانه ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل، فإذا خالفهم تصدوا لحربه، فإن صبر وثبت جاءه العون من ربه، وصار ذلك الصعب سهلاً .. وذلك الألم لذة .. فإن الرب شكور .. لا بدَّ أن يذيق عبده ووليه لذة تحيزه إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .. ويريه كرامة ذلك .. فيشتد به سروره وغبطته.
ويبقى من كان محارباً له على ذلك، بين هائب له، ومسالم له، ومساعد وتارك له، ويقوي جنده، ويضعف جند العدو.
ولا يستصعب العبد مخالفة الناس، والتحيز إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان وحده، فإن الله معه وإنما امتحن يقينه وصبره.
وأعظم الأعوان على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع إلى غير الله،
فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ويعين العبد على التجرد من الطمع والفزع التوحيد، والتوكل، والثقة بالله، وعلم العبد بأن الأمر كله لله، وأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، وليس لأحد مع الله شيء، بل الخلق كله والأمر كله بيد الله وحده لا شريك له: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].