والرضا بالقدر يفرغ القلب لله، والسخط يفرغ القلب من الله، ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر ملأ صدره غنىً وأمناً وقناعة، وفرغ قلبه لمحبته.
والرضا يثمر الشكر الذي هو أعلى مقامات الإيمان، وينفي عنه آفات الحرص على الدنيا.
والرضا يخرج الهوى من قلب المؤمن، فالراضي هواه تبع لمراد ربه منه مما يحبه الله ويرضاه.
والرضا عن الله يثمر للعبد رضا الله عنه، والراضي متلق أوامر ربه الدينية والقدرية بالانشراح والتسليم.
والطاعات كلها أصلها من الرضا، والمعاصي كلها أصلها من عدم الرضا، وعدم الرضا يفتح باب البدعة، والرضا يغلق ذلك الباب عنه.
ولو تأمل العبد جميع البدع لرآها ناشئة من عدم الرضا بالحكم الكوني، أو الديني، أو كليهما.
وما يقضيه الله ويقدره نوعان:
قضاء ديني .. وقضاء كوني.
فالديني: مأمورات، ومنهيات، ومباحات.
والكوني: إما نعماً ملذة، أو بلاياً مؤلمة.
والرضا يخلص العبد من مخاصمة الرب تعالى في أحكامه وأقضيته، وأصل مخاصمة إبليس لربه من عدم رضاه بأقضيته وأحكامه الدينية والكونية، فلو رضي لم يطرد ويلعن ويبعد.
وجميع ما في الكون أوجبته مشيئة الله، فهو موجب أسماء الله وصفاته، فمن لم يرضى بما رضي به ربه لم يرض بأسمائه وصفاته.
وكل قدر يكرهه العبد ولا يلائمه فلا يخلو من أمرين:
إما أن يكون عقوبة على الذنب، فهو دواء لمرض لولا تدارك الحكيم إياه