ولما كان هذا الجزاء أفضل الجزاء كان سببه أفضل الأعمال كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)} [التوبة: ٧٢].
والمحبة لله، والإخلاص له، والإنابة إليه، لا تقوم إلا على ساق الرضا، فالمحب راضي عن حبيبه في كل حالة.
والرب عزَّ وجلَّ شكور، إذا وصل إليه عمل عبده جمل به ظاهره وباطنه، وأثابه عليه من حقائق المعرفة والإيمان بحسب عمله.
وأعمال الجوارح تضاعف إلى حد معلوم محسوب، وأما أعمال القلوب فلا ينتهي تضعيفها، فهي دائمة متصلة، وإن توارى شهود العبد لها.
فالمحبة والرضا حال المحب الراضي لا تفارقه أصلاً، وصاحبها في مزيد متصل ولو فترت جوارحه.
والله عزَّ وجلَّ ينظر إلى القلوب والهمم والعزائم لا إلى صور الأعمال.
والرضا ثلاث درجات:
الأولى: الرضا بالله رباً.
الثانية: الرضا عن الله، وهو الرضا عنه في كل ما قضى وقدر.
فالرضا به متعلق بأسمائه وصفاته، والرضا عنه متعلق بثوابه وجزائه.
الثالثة: الرضا برضا الله، فيغيب برضى ربه عن رضاه هو.