وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠)} [الحديد: ٢٠]
وعلى قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله، وطلب الآخرة، وقد توعد الله من لم يرج لقاء الله، ورضي بالدنيا، واطمأن بها، وغفل عن آيات ربه بالنار كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨)} [يونس: ٧،٨].
والزهد في الدنيا أن تنزعها من قلبك وهي في يدك.
والذي يصحح هذا الزهد أربعة أمور:
الأول: علم العبد أن الدنيا فانية.
الثاني: علم العبد أن وراء الدنيا داراً أعظم منها وأفضل، وهي الآخرة.
الثالث: معرفة العبد أن زهده فيها لا يمنعه شيئاً كتب له منها، وأن حرصه عليها لا يجلب له ما لم يقض له منها.
الرابع: علمه أن الذي خلقها ذمها وحذر منها فكيف يتعلق بها؟
ومن أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته، وما يبقى على ما يفنى، وما يحبه الله على ما تحبه النفس.
والناس في الدنيا معذبون على قدر هممهم بها:
فالقلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها، وإذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة.
وعلى قدر رغبة العبد في الدنيا يكون تثاقله عن طاعة الله وطلب الآخرة كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨)} [التوبة: ٣٨].
وماذا يجدي نعيم ساعة مشوب بالكدر إذا كان ينتظره شقاء الأبد.