{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)} [الروم: ٦٠].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ» متفق عليه (١).
ورابعاً: أنهم يدعون الناس إلى الله بالشفقة والرحمة والتواضع واللين في جميع الأحوال.
وخامساً: أنهم يقومون بالدعوة إلى الله في جميع الأوقات ليلاً ونهاراً كما قال نوح: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦)} [نوح: ٥، ٦].
ويدعون إلى الله في جميع الأحوال، حال الأمن وحال الخوف، وحال الصحة وحال المرض، وحال الإقامة وحال السفر.
والأنبياء والرسل هم أول من عرف منافع التوحيد والإيمان والطاعات، وأول من عرف مضار الشرك والكفر والمعاصي والبدع.
ولكمال معرفتهم بذلك يَغْشَون الناس لدعوتهم إلى الله في البيوت والأسواق، ويطرقون الأبواب، ويقطعون المسافات، ويصعدون الجبال، ويصبرون على كل ما يصيبهم في سبيل تنفيذ ما أمروا به.
ويرحمون الناس ويكرمونهم، ويبذلون من أجل ذلك أموالهم، والناس يؤذونهم ويسبونهم فيعفون عنهم، ويصبرون على أذاهم.
فالأنبياء يدعون الناس إلى ربهم بالرحمة واللين وحسن الخلق، وأهل الباطل ينشرون باطلهم بطريق الشدة والكبر والتسلط كما قال الشيطان لفرعون: أعلن للناس ليرهبوك ويرجوك: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} [النازعات: ٢٤].
ثم أمره بقتل أبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم، كما قال سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤)} [القصص: ٤].
ثم سخر فرعون بموسى قائلاً ما حكى الله عنه: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٤٧٧)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٧٩٢).