للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان ما أصابهم عبرة للمتقين، ونكالاً للمكذبين كما قال سبحانه:

{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (٤٢) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (٤٤)} [المؤمنون: ٤٢ - ٤٤].

ولقد جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم تدعوهم إلى عبادة الله وحده، وإلى ما يسعدهم في الدنيا والآخرة، ولكنهم لم يفدهم هذا، ولا أغنى عنهم شيئاً، فلم يؤمنوا، فلما كذبوا رسلهم عاقبهم الله لردهم الحق: {وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (١٠١)} [الأعراف: ١٠١].

وقد أخبر الله أن تلك الأمم التي أرسل الله إليها رسله أكثرهم لم يلتزم بوصية الله، ولم ينقَدْ لأوامر الله التي أرسل بها رسوله، بل اتبعوا أهواءهم، وأعرض أكثرهم عن هدي الله، ولم يستقم على دينه إلا القليل، ممن سبقت لهم من الله السعادة.

وأما أكثر الخلق فأعرضوا عن الهدى، واستكبروا عما جاءت به الرسل، فأحل الله بهم من العقوبات المتنوعة ما حل كما قال سبحانه: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢)} [الأعراف: ١٠٢].

وبعد بعثة موسى - صلى الله عليه وسلم - ونزول التوراة رفع الله عذاب الاستئصال عن الأمم المكذبة، وشرع الله لرسله والمؤمنين بهم جهاد المكذبين المعاندين، ووعدهم النصر على أعدائهم بالإيمان والتقوى، والتوكل على الله، وإعداد ما يستطيعون من قوة، وقد فعل سبحانه فنصر أولياءه، وخذل أعداءه.

فقد ذكر الله الأمم المتتابعة على الهلاك، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس كما قال سبحانه: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣)} [الأعراف: ١٠٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>