وقد حذر الله أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من هذا الاختلاف وتلك الفرقة التي حصلت في أهل الكتاب بقوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٤،١٠٥].
ولهذا الاختلاف والفرقة، وضلال بني إسرائيل، وإعراضهم عن الدين الحق، أرسل الله لهم عيسى - صلى الله عليه وسلم - ليردهم إلى الدين الحق، وإلى التوحيد الذي تركوه بعد موسى كما قال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)} [الصف: ٦].
فلما جاء عيسى لبني إسرائيل بالبينات الدالة على صدق نبوته وصحة ما جاءهم به: من إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى ونحو ذلك من الآيات، قال لهم: قد جئتكم بالنبوة والعلم، ولأبين لكم صواب وجواب ما اختلفتم فيه من شريعة موسى - صلى الله عليه وسلم -، فجاء عليه الصلاة والسلام متمماً ومكملاً لشريعة موسى - صلى الله عليه وسلم -، ولأحكام التوراة، ومجدداً لما ترك منها.
وجاء بعض التسهيلات الموجبة للانقياد له وقبول ما جاءهم به، فدعاهم إلى عبادة الله وحده، وطاعته وامتثال أمره، واجتناب نهيه والإيمان برسالته وطاعته