للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلم من يستحق الهداية فيهديه، ومن يستحق الضلالة فيضله، فإذا قضى بقضائه هكذا أو هكذا، فلا مبدل لما شاء: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٢٣)} [الزمر: ٢٣].

والسموات والأرض أكبر من خلق الناس، قالتا لربهما أتينا طائعين، وهذا الخلق الصغير من البشر الذي يدب على الأرض مع سائر الدواب الطائعة ..

يأكل من رزق الله .. ويسكن في أرض الله .. ويكفر بالله .. ويعارض رسل الله .. ويسخر بهم .. ويستهزئ بآيات الله.

فماذا يكون جزاء هذا الكفر والإعراض والاستهزاء والاستكبار؟.

{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)} [فصلت: ١٣].

وماذا ينتظر هؤلاء من العقوبات؟: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٣٤)} [الرعد: ٣٤].

وهذا الإنذار المخيف يناسب شناعة الجرم وقبح الذنب من الإنسان.

والسنن الكونية لها أصول وأهداف، والسنن الشرعية كذلك لها أهداف وأصول.

فالشجرة لها زينة وهي الأوراق والأزهار، ولكن المقصد من الشجرة الثمرة، والشجرة إنما جاءت من البذرة، والبذرة لا بدَّ لها من بيئة، وهي الأرض والماء والهواء والضوء، وبعد ذلك تظهر الشجرة، ثم تكون الثمرة.

وكذلك الإنسان زينة قلبه بالإيمان، وزينة جسده بالأعمال الصالحة، ورضى الله هو الغاية والمقصد من الدين كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].

وذلك لا يكون إلا بطاعة الله ورسوله، وذلك لا يتم إلا بالإيمان، والإيمان لا يأتي إلا بالدعوة، ولا بدَّ للإيمان من بيئة صالحة يزداد فيها الإيمان، وتحفظه من النقصان، تتمثل فيها أوامر الله من العبادة، والدعوة، والتعليم، واتباع السنن

<<  <  ج: ص:  >  >>