والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحقر أحداً أن يبلغه رسالة ربه، فالمسلم يرى الكافر غريقاً ويجتهد عليه لعل الله أن يرحمه وينقذه من النار.
والشفقة والرحمة أعظم سلاح أعطيه الأنبياء والرسل كما قال سبحانه لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].
والشفقة والرحمة لخلق الله تكون وتنمو بكثرة الجهد للدين حتى تصبح كالأمواج في البحار بعضها فوق بعض، فتنبعث أمواج الشفقة والرحمة بقدر الجهود والتضحيات على خلق الله سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].
وإذا كان مسؤولية أهل الدنيا تفقد الملك والأموال والأشياء والفكر فيها، وحسن رعايتها، والقيام عليها، فمسؤولية أهل الدين:
هي تفقد الإيمان والأعمال الصالحة .. وكيف تأتي فينا وفي حياة الناس .. وكيف يتحقق مراد الله من عباده فيعبدوه وحده لا شريك له .. وكيف يتحقق مراد الخلق من ربهم فيتوجهوا إليه في جميع حوائجهم لينالوا رضاه، ويفوزوا بجنته، وينجوا من عذابه ... وتعريف الناس بربهم وخالقهم .. وما هو حقه عليهم؟ ... ولماذا خلقهم؟ ... وماذا يريد منهم؟ ... وبيان طريق السعادة وطريق الشقاوة ... وتعريف الخلق بما يحب ربهم ليفعلوه ... وتعريفهم بما يبغض ليجتنبوه ... وتعليمهم الآداب الإسلامية ... وحسن المعاشرات وأحسن الأخلاق ... وتعريفهم بنعم الله ليشكروه ... وتعريفهم بأسمائه وصفاته، وأفعاله وخزائنه ليعظموه ويحمدوه ويسألوه .. وإخبار الناس بما أعد الله من الكرامة لمن أطاعه .. وما أعد من العذاب لمن عصاه.
وكيف يقضي الإنسان حياته على طريقة الأنبياء والمرسلين، لا على طريقة البهائم والشياطين.
وتعريف الناس بالطريق الموصل إلى الله ... وما لهم بعد القدوم على الله يوم