للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى جميع المسلمين أن يقوموا بالدعوة إلى الله في جميع أوساط الناس، ويدعونهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والرحمة والشفقة، في جميع الأوقات، وفي سائر الأقطار.

ويجتهدوا في دعوة سائر الناس:

الراغبين والطالبين .. والشاردين والمعرضين .. والغافلين والجاهلين، ولا نشغل أنفسنا بمن يعارضنا ويؤذينا، بل ندعو الله لهم، ونحسن الظن بهم، ونرفق بهم، ونكون البيئة الصالحة التي تظهر فيها الأعمال والصفات والأخلاق وهم يأتون إليها، وإن يرد الله بهم خيراً يأت بهم كما جاءت الوفود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة منقادة طائعة راغبة في الإسلام من كل مكان.

والله تبارك وتعالى يعلمنا بالمخالفين والمعارضين حسن الصبر، والتوجه إلى الله، فالبيئة المخالفة تربي الداعي وتزكي قلبه، وكلما زادت المعارضة زاد التوجه إلى الله والاستعانة به، والتوكل عليه، فتأتي نصرة الله كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الطائف من التكذيب فدعا ربه فاستجاب له.

قالت عائشة رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قال: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِيَالِيلَ بْنِ عَبْدِكُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إِلا وَأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقال: إِنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ، لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، قالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قال: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وأنا مَلَكُ الْجِبَالِ، وقَدْ بَعَثَني رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأمْرِكَ، مِمَّا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأخْشَبَيْنِ؟ فَقال لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ، لا يُشْرِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>