وعبادة الله والدعوة إلى الله أهم الأوامر بعد الإيمان، فمن قام بهما حفظه الله وأسعده وجعله سبباً لهداية العالم.
وإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ترك ذريته بوادٍ غير ذي زرع ليقيموا الصلاة، حيث أسباب الموت موجودة، وأسباب الحياة مفقودة، فحفظهم الله وأخرج من هذه الذرية سيد الأولين والآخرين، وخير أمة أخرجت للناس كما قال إبراهيم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)} [إبراهيم: ٣٧].
والله عزَّ وجلَّ أخفى في المجاهدة الهداية، وحصول البركات، والرزق الحلال، والحفاظة، والترقي في الدين كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].
وكل عمل له بداية ونهاية كالصلاة بدايتها التكبير ونهايتها التسليم، وكذلك الدعوة، فكما أن المسلم عليه الصلاة إلى أن يموت، فكذلك عليه الدعوة إلى الله إلى أن يموت.
فالعبادة أعظم الأعمال، والدعوة أم الأعمال كلها، فإذا قامت الدعوة نزلت الهداية، وجاءت العبادات والمعاملات، والمعاشرات والأخلاق العالية، وحصلت السعادة للعباد في الدنيا والآخرة.
لقد اجتهد شياطين الإنس والجن على هذه الأمة ليحولوا بينها وبين ربها ودينها ومصدر عزها، فضربوها بثلاثة معاول:
الأول: طرد حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسننه من حياة المسلمين، وترغيبهم في حياة اليهود والنصارى الذين غضب الله عليهم ولعنهم، وحياة البهائم الضالة، والشياطين المضلة الملعونة، وإشغالهم بالشهوات عن الأوامر.
الثاني: طرد جهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من حياة الأمة، ومحاربة العلماء والدعاة إلى الله، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، واتهامهم والتضييق عليهم، والقضاء