للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية، وزال الشرك بسبب جهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

وكل داعٍ لا تكون حياته مطابقة لدعوته فالله لا يستخدمه، ولا يجعله سبباً لهداية الناس وإن ارتفع صوته وعلا صيته.

والداعي إلى الله لا بدَّ أن يصبر على الأذى، ويرفق بمن خالفه ويدعو له، فالذين عادوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وآذوه لما صبر عليهم، ودعا لهم، ورفق بهم، آمنوا ثم هاجروا ثم قاتلوا الكفار الذين فيهم آباؤهم وأبناؤهم، ثم كادوا أن يتقاتلوا على وضوئه - صلى الله عليه وسلم - لشدة محبتهم له وللدين الذي جاء به.

ومن أعطاه الله الدين وكلفه بنشره والمحافظة عليه فتلك مسئولية عظمى وأجرها عظيم، ولكنه سيحاسب عليها، ويسأل عن أدائها كما قال سبحانه: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧)} [الأعراف: ٦، ٧].

وصاحب الدكان إذا أغلق دكانه حصل نقصان في البلد، والداعي إذا ترك الدعوة حصل نقصان في الدين، ومشى ألوف من الناس كل لحظة إلى نار جهنم، فكم حصل بترك الدعوة من الخسران له ولغيره؟.

وكم ذهب إلى النار من الخلق بسبب تأجيل البلاغ أو القعود عنه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢)} [إبراهيم: ٥٢].

والعبادة لا تسمى عبادة ولا تكون مقبولة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة ولا تكون مقبولة إلا مع الطهارة.

فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا جاء في الصلاة أبطلها.

فمن دعا غير الله طالباً منه ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب خير أو دفع شر فقد أشرك في عبادة الله، وحبط عمله كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥)} [الزمر: ٦٥].

وكان الناس قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - على قسمين:

الأول: كفار أشقياء كلهم ليس فيهم سعيد كعبدة الأوثان والمجوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>