للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلهي، ويكون المعروف معروفاً، والمنكر منكراً محارباً، وهذا ما يقتضي سلطة للخير وللمعروف تأمر وتنهى وتطاع.

ومن ثم فلا بدَّ من جماعة تتلاقى على الإيمان بالله والأخوة في الله، لتقوم على هذا الأمر العسير الشاق بقوة الإيمان والتقوى، ثم بقوة الحب والإلفة، وهؤلاء هم المفلحون كما قال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤].

والله عزَّ وجلَّ بقدر ما كلف هذه الأمة بهذا الواجب العظيم، أكرمها في نفس الوقت ورفع مكانها ومقامها، وأفردها بمكان خاص لا تبلغ إليه أمة أخرى كما قال سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)} [آل عمران: ١١٠].

فهذه الأمة أخرجها الله للناس لتكون طليعة، ولتكون لها القيادة بما أنها خير أمة، والله يريد أن تكون القيادة والإمامة للخير لا للشر في هذه الأرض إلى أن تقوم الساعة، ومن ثم فهي تمثل حياة الأنبياء والرسل، ولا ينبغي لها أن تتلقى من غيرها من أمم الجاهلية، إنما يجب عليها أن تعطي هذه الأمم مما لديها، وأن يكون لديها دائماً ما تعطيه:

من الاعتقاد الصحيح .. والفكر الصحيح .. والنظام الصحيح .. والعلم الصحيح .. والعمل الصحيح .. والخلق المليح.

فهذا الواجب يحتم عليها أن تكون في الطليعة دائماً وفي مركز القيادة دائماً، وفي منبر التوجيه والإرشاد دائماً.

وأول متطلبات هذا المكان أن تدعو الناس إلى خالقهم، وأن تقوم على صيانة حياة البشرية من الشر والفساد، وأن تكون لها القوة التي تمكنها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي خير أمة أخرجت للناس بعملها في حفظ الحياة البشرية من المنكر، وإقامتها على المعروف، مع الإيمان الذي يحدد

<<  <  ج: ص:  >  >>