والمسلم يدعو إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في كل حال وفي كل زمان وفي كل مكان، في إقامته وسفره، وفي بيته وسوقه.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقالوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قال:«فَإِذَا أبَيْتُمْ إِلا الْمَجَالِسَ، فَأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا». قالوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قال:«غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ» متفق عليه (١).
والمسلم إذا أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، وذكره بما يجب عليه، وأحبه الناس ودعوا له، وإذا نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، وذكر الغافل، وانبعث له من المؤمنين من يؤازره ويعينه.
ومن أراد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فليوطن نفسه على الصبر على الأذى، وليثق بالثواب من الله تعالى، وليتيقن أن الله معه، فمتى شعر بذلك لم يجد مس الأذى، واشتغل بإصلاح نفسه وإصلاح غيره، وهذا عمل الأنبياء والرسل وأتباعهم: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} [لقمان: ١٧].
والناس يختلفون في قبول الإيمان والعمل بالأحكام، وعند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بدَّ من مراعاة ذلك.
فالناس أربعة أقسام:
الأول: قوي الإيمان، عالم بالأحكام.
فهذا ليس له عذر، فإذا وقعت منه معصية ينكر عليه بقوة، ويعامل معاملة أشد،
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٤٦٥)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢١٢١).