للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١)}} [المائدة: ٤١].

والنصيحة حق وواجب للمسلم على المسلم لما فيها من الخير والبركات.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ». قِيلَ: مَا هُنَّ؟ يَا رَسُولَ اللهِ! قال: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» أخرجه مسلم (١).

والنصيحة تكون من الفرد إلى الفرد، ومن الفرد إلى المجتمع، ومن المجتمع إلى الفرد، ومن الراعي للرعية، ومن الرعية للراعي، ومن الأعلى إلى الأدنى، ومن الأدنى إلى الأعلى، ومن نبي لقومه كما سبق، ومن نبي إلى نبي كما نصح موسى أخاه هارون: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢)} [الأعراف: ١٤٢].

وموسى - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن هارون نبي مرسل من ربه معه، ولكن المسلم للمسلم ناصح، وقد تلقى هارون النصيحة، ولم تثقل على نفسه، فالنصيحة إنما تثقل على نفوس الأشرار؛ لأنها تقيدهم بما يريدون أن ينطلقوا منه، وتثقل على نفوس المتكبرين الصغار، الذين يحسون في النصيحة تنقصاً لأقدارهم.

إن الصغير حقاً هو الذي يبعد عنه يدك التي تمتد لتسانده ليظهر أنه كبير.

إن تمكين منهج الله ليسود في الأرض ليس بمجرد الوعظ والإرشاد والبيان فقط، بل هذا شطر.

والشطر الآخر القيام بسلطة الأمر والنهي، لتحقيق المعروف، ونفي المنكر من حياة البشرية كما قال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤].

والنصيحة هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد، وإخلاص


(١) أخرجه مسلم برقم (٢١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>