ألوان الفواكه في سلة واحدة، فتقبل ذلك النفس وتتلذذ به، ويتغذى بذلك البدن، ويولد فيه كامل الطاقة البدنية.
وكذلك العلوم والمعارف يستقبلها العقل، ويتلذذ بها على اختلاف أنواعها، ثم يحولها إلى القلب، ثم يدفعها القلب طاقة علمية وعملية إلى الجوارح، فجمع العلوم في الذهن كجمع ألوان الطعام في البطن، كلاهما شهي يولد الطاقة بحسب طيبه ونفعه.
هذا يولد الطاقة البدنية .. وذلك يولد الطاقة العلمية والعملية.
وقد لا يظهر لك المعنى أحياناً لأول وهلة، وقد تفهم منه خلاف المراد فيما يظهر، وقد تحملك قوة العاطفة وشدة الغيرة على الدين، على نبذ الكتاب كله، والشماتة بصاحبه، وتحذير الناس من مقولته.
وقد يستخفك الشيطان، ويركض بك إلى النار وأنت لا تدري، فيدفعك لتحمل الآيات والأحاديث على ما لا تحتمله، وتستدل بها في غير موضعها، اتباعاً لهواك، وانتصاراً لرأيك، فتثور منك عجاجة من القول لها غبار ودخان.
ولو صبرت قليلاً حتى تتم القراءة لزال اللبس، وبان لك الصواب، فما لا يظهر بنور الكوكب يظهر بنور القمر، وما لايظهر بنور القمر يظهر بضياء الشمس، وما قد يخفى على الإنسان في البداية قد يظهر له في النهاية، وإذا تجولت في المدينة عرفتها، وعرفت ما فيها من الطرق والسلع، ووصلت إلى ما تريد بأقصر طريق، لكن مع الصبر الجميل.
وهكذا إذا أتم القارئ قراءة الكتاب أو المقال انكشف له ما التبس عليه، وهذه سنة كونية وشرعية، فإياك والعجلة فإنها تعقب الحسرة والندم: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)} [طه: ١١٤].
والخطأ والزلل، والضعف والتقصير، والغفلة والنسيان من طبيعة البشر، والكمال في كل شيء لله الواحد القهار.
وقد هاجت حين إعداد هذه الموسوعة رياح عاصفة شديدة من الأعمال