فمن استجاب فآمن بالله وعمل بشرعه فهو من المؤمنين .. ومن أبى الإسلام فعليه أن يدفع الجزية مقابل رعايته في المجتمع الإسلامي .. فإن أبى الإسلام وأبى دفع الجزية فهذا مستكبر معاند، مؤذ ظالم كافر غير شاكر، عاص غير مطيع، يجب قتاله حتى يكون الدين كله لله.
فالقتال في سبيل الله له أسباب .. وله أوامر .. وله أوقات .. وله أحوال.
والدعوة إلى الله مشروعة ومفتوحة كل وقت لكل مسلم ومسلمة، والإسلام جاء لهداية الناس ورحمتهم ودعوتهم لعبادة الله وحده لا شريك له.
فالدعوة إلى الله واجبة على المسلمين في جميع الأوقات والأحوال ليلاً ونهاراً .. سراً وجهاراً .. حال الأمن وحال الخوف .. حال الإقامة وحال السفر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاها أكثر الوقت، وهي مسؤولية الأمة بعده.
أما الجهاد في سبيل الله فيشرع عند اللزوم، بل هو واجب لدفع عدو عن المسلمين، وقتال معاند، ونصر مظلوم، وحماية المسلمين، ورفع الظلم عنهم، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله.
فنوح - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى الله ولم يقاتل، وهود وصالح، وإبراهيم ولوط، وإسماعيل وإسحاق، وموسى وعيسى، جميع هؤلاء الأنبياء دعوا إلى الله، ولم يؤمروا بقتال، وقاتل داود من أنبياء بني إسرائيل.
ثم مَنَّ الله على هذه الأمة بخاتم الأنبياء والمرسلين فدعا إلى الله، ولما أوذي والمؤمنون معه أذن الله لهم بالقتال بعد الهجرة إلى المدينة كما قال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: ٣٩، ٤٠].
ولما أظهر الله دينه، وأعز أهله، وصارت لهم دار في المدينة، وقويت شوكتهم، عظم ذلك على الكفار، فزاد شرهم وظلمهم، وعظم كيدهم وطغيانهم، فحملوا سيوفهم وركبوا خيلهم للقضاء على الإسلام وأهله والدعاة إليه، واجتمع