للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله عزَّ وجلَّ يريد لعباده أن يعيشوا في ظل الإسلام في أمن وسلام:

فقد جعل الله البيت الحرام واحة للأمن والسلام في المكان .. وجعل الأشهر الحرم واحة للأمن والسلام في الزمان .. تصان فيها الدماء والحرمات والأموال .. ولا يمس فيها حي بسوء .. ومن أبى أن يستظل بهذه الخيمة، وينعم بتلك الواحة، وأراد أن يحرم المسلمين منها، فجزاؤه أن يحرم هو منها، ويكف شره عن البشرية.

والجهاد في سبيل الله فريضة شاقة، ولكنها فريضة واجبة الأداء؛ لأن فيها خيراً كثيراً للمسلمين كافة، بل للبشرية كلها.

والفرائض والأوامر منها ما هو سهل محبوب للنفس كالنكاح وأكل الطيبات والصيد، ومنها ما هو شاق مبغوض للنفس وكريه المذاق كالقتال في سبيل الله، ولكن وراءه حكم ومصالح تهون مشقته، وتسيغ مرارته، وتحقق به خيراً مخبوءاً قد لا يراه النظر الإنساني القصير.

فمن يدري فلعل وراء المكروه خيراً، ووراء المحبوب شراً، وهذا يفتح لقلب الإنسان عالماً آخر غير العالم المحدود المشهود الذي تبصره عيناه تترتب العواقب فيه على غير ما كان يظنه ويتمناه.

فما تستشعر النفس حقيقة السلام إلا حين تستيقن أن الخيرة فيما اختاره الله، وأن الخير في طاعة الله، فالقتال ليس إلا مثلاً لما تكرهه النفس، ويكون من ورائه الخير الكثير.

فالإنسان ضعيف محدود العلم والقدرة والرؤية، لا يدري أين يكون الخير، وأين يكون الشر؟.

لقد كان المؤمنون الذين خرجوا في بدر يطلبون عير قريش وتجارتها، ولا يودون ذات الشوكة والقتال، ولكن الله جعل القافلة تفلت، ولقاهم بلا استعداد وجهاً لوجه بالمقاتلين من قريش، فكان النصر الذي دوى بالجزيرة العربية، ورفع راية الإسلام والمسلمين، وهشم رأس الباطل الذي حاد الله ورسوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>