إنهم لم يطلبوا نعمة ولا ثراء، بل لم يطلبوا جزاء ولا ثواباً، لم يطلبوا ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة.
فما أجمل هذا الأدب مع ربهم، وما أزكى تلك النفوس والقلوب، بينما هم يقاتلون في سبيله لم يطلبوا منه سبحانه إلا غفران الذنوب وتثبيت الأقدام، والنصر على الكفار.
ولما لم يطلبوا لأنفسهم شيئاً أعطاهم الله كل شيء يتمناه طلاب الدنيا وطلاب الآخرة، وشهد لهم بالإحسان، فقد أحسنوا الأدب، وأحسنوا العمل، وأحسنوا الجهاد، وأعلن حبه لهم، وهو أكبر من النعمة، وأكبر من الثواب كما قال سبحانه: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨)} [آل عمران: ١٤٨].
فهل فوق هذا الأدب من المجاهدين في سبيل الله شيء؟.
وهل فوق هذا الإكرام لهم من رب العالمين شيء؟.
إن المسلم حين يخرج للجهاد في سبيل الله إنما يقاتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله في الأرض، ولتمكين منهجه من تصريف الحياة البشرية، ولتمتيع البشرية بخيرات هذا المنهج، وعرضه عليهم، وصد عدوان المعتدين، فالإسلام لا يعرف قتالاً إلا في هذا السبيل.
ليس في الإسلام قتال من أجل الغنيمة، ولا يعرف الإسلام القتال للمجد والفخر، ولا يعرف القتال للسيطرة والقهر.
إن المسلم في الإسلام لا يقاتل للاستيلاء على الأرض .. ولا للاستيلاء على السكان .. ولا للاستيلاء على الثروات .. ولا يقاتل لمجد شخص .. ولا لمجد بيت .. ولا لمجد طبقة .. ولا لمجد جنس .. ولا لمجد دولة .. إنما يقاتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وتمكين منهجه في الحياة، وحماية المؤمنين، وصد عدوان الظالمين، فمن قتل في هذا السبيل فهو شهيد في سبيل الله، ينال بذلك