وتقرير عبودية العباد لله وحده .. وتحطيم الطواغيت التي تغتصب حق الله .. وتستعبد الناس .. وتحرير كل إنسان من العبودية لغير الله .. وحماية حرمات الناس وكراماتهم وحرياتهم.
فهذه مقاصد الإسلام من خروج المسلمين للجهاد في سبيل الله، لا يخرجون للاستعلاء على العباد واستعبادهم، والتبطر بنعمة القوة، باستخدامها هذا الاستخدام المنكر، والفخر والكبر والخيلاء.
فليس للإسلام هدف من النصر إلا تحقيق طاعة الله ورسوله .. وإقامة منهج الله في الحياة .. وإعلاء كلمته في الأرض .. ورفع الظلم عن الخلق .. واقتلاع جذور الفساد في الأرض كما قال سبحانه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)} [البقرة: ١٩٣].
إن بروز قوة الإسلام ليستهوي قلوباً كثيرة تصد عن الإسلام الضعيف، أو الإسلام المجهول القوة والنفوذ.
وإن الدعوة إلى الإسلام لتسير بقوة في الأرض حين تكون الأمة المسلمة بادية القوة، مرهوبة الجانب، عزيزة الجناب.
على أن الله سبحانه وهو يرى الجماعة المسلمة لم يكن يعدها وهي في مكة قلة قليلة مستضعفة مطاردة إلا وعداً واحداً وهو الجنة، ولم يكن يأمرها إلا أمراً واحداً وهو الصبر.
فلما أن صبرت وطلبت الجنة وحدها دون الغلب آتاها الله النصر والعزة والغلب والتمكين في الدنيا مع الجنة في الآخرة كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الفتح: ٢٩].
وقد وعد الله عباده المؤمنين أنه متى استقرت حقيقة الإيمان في نفوسهم، وتمثلت في واقع حياتهم عبادة لله في جميع أحوالهم، منهجاً للحياة، ونظاماً للحكم، وتجرداً لله في كل خاطرة وحركة، فسيجعل الله لهم العز والنصر والتمكين، ويدفع عنهم تسلط الكفار، فسنته سبحانه نصر أوليائه، وخذلان