للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧)} [الأعراف: ١٣٧].

فشأن الخلفاء الراشدين أربعة أمور:

إقامة الحق .. والعمل به .. والدعوة إليه .. والدفاع عنه.

أما من كان غاية مطلوبه غير الله وعبوديته من المشركين، وأهل الشهوات، وأصحاب الرياسات، الذين لا غاية لهم وراءها.

بل هو فهم إقامة رياستهم، وتحقيق شهواتهم بأي طريق كان، من حق أو باطل، أو عدل أو ظلم، أو رحمة أو قسوة.

فهؤلاء إذا جاء الحق معارضاً في طريق شهواتهم ورياستهم طحنوه وداسوه بأرجلهم، وحاربوه بأموالهم وألسنتهم، وذبحوه بأيديهم.

فإن عجزوا عن ذلك دفعوه دفع الصائل .. فإن عجزوا عن ذلك حبسوه في الطريق .. وحادوا عنه إلى طريق أخرى.

وهم مستعدون لدفعه بحسب الإمكان، فإذا لم يجدوا منه بداً أعطوه السكة والخطبة، وعزلوه عن التصرف والحكم والتنفيذ.

وإن جاء الحق ناصراً لهم وكان في مصلحتهم صالوا به وجالوا، وأتوا إليه مذعنين لا لأنه حق، بل لموافقته أغراضهم وأهواءهم، وانتصارهم به.

فما أظلم هؤلاء .. وما أجهلهم بربهم ودينه وشرعه، وما أولئك بالمؤمنين:

{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٤٨ - ٥١].

وهؤلاء هم أعظم الناس ندامة وتحسراً إذا حق الحق وبطل الباطل، ويظهر هذا في الدنيا .. ثم يقوى عند رحيلهم منها والقدوم على الله .. ثم يشتد ظهوره وتحققه في البرزخ .. وينكشف كل الانكشاف يوم اللقاء إذا فاز المتقون،

<<  <  ج: ص:  >  >>