وليس لولاة الأمر أن يقسموا الأموال بحسب أهوائهم كما يقسم المالك، فإنما هم أمناء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونوابه ووكلاؤه ليسوا ملاَّكاً، بل عليهم أن يضعوها ويقسموها حسب أمر الله ورسوله.
وأعظم ما يستعين به ولاة الأمور في قضاء حوائجهم عدة أمور أهمها:
الإخلاص لله، والتوكل عليه، والتوجه إليه في قضاء الحوائج .. والإحسان إلى الخلق بالمال كالهدية والصدقة وإغاثة الملهوف .. والصبر على الأذى .. وغيره من النوائب .. والعفو عن الناس .. وكظم الغيظ .. ومخالفة الهوى .. وترك الأشر والبطر.
والناس في هذه الحياة أربعة أقسام:
الأول: الذين يريدون العلو على الناس، والفساد في الأرض، وهؤلاء الرؤساء والملوك المفسدون في الأرض كفرعون وحزبه، فهؤلاء شرار الخلق كما قال سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤)} [القصص: ٤].
الثاني: الذين يريدون الفساد في الأرض بلا علو كالسراق والمجرمين من سفلة الناس.
الثالث: الذين يريدون العلو بلا فساد كالذين عندهم دين أو مال أو جاه يريدون أن يعلو به على الناس.
الرابع: الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، وهؤلاء هم خيار الخلق، وهم أهل الجنة، أعلى الله منزلتهم كما أعلوا أوامر الله ودينه في حياتهم، وأذل غيرهم ممن يريدون العلو والفساد كما قال سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)} [القصص: ٨٣].
وكل خليفة أو إمام أو أمير أو مسئول فهو مسئول أمام الله عن أقواله وأفعاله، ومحاسب على تصرفاته.
فكل من أخذ ما لا يستحقه شرعاً من الولاة والرؤساء، والأمراء والعمال،