فلما أمره الله بذبح ابنه سلم وامتثل، فجاءت له حينذاك نصرة الله.
وليست الخلافة كلها محمودة، بل الخلافة الراشدة ما كانت على منهاج النبوة، وليست الخلافة فقط امتثال أوامر الله في منطقة معينة، بل الخلافة مع ذلك أن يأمر الله الكائنات كلها أن تطيع من أطاعه، فيقول لها: عبدي كان لي فكوني له، عبدي أطاعني فأطيعوه، فتطيعه المياه والبحار، والجبال والرياح، والإنسان والحيوان، هذه هي الخلافة كما حصل للأنبياء والصحابة وسادة المتقين.
وهذه الخلافة لا يسلمها الله لأي أحد، بل يسلمها للذي يسلم نفسه لله تعالى، فمن سلم نفسه لله حقاً سلم له ما شاء من الكائنات، فالله لا يسلم كائناته لغير المسلم، لكنه لا يحرمه الرزق بسبب كفره، بل يرزقه ما كتب له، ثم يحاسبه عليه يوم القيامة.
والحاكم المسلم هو الذي يؤمن بالله، ويحكم بين الناس بما أنزل الله وبما شرعه رسول الله.
ومن لم يحكم بما أنزل الله فتارة يكون كافراً .. وتارة يكون ظالماً .. وتارة يكون فاسقاً.
والكافر ظالم؛ لأنه جحد حق الله .. وهو فاسق؛ لأنه خرج عن طاعة الله فيكون كافراً، إذا اعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله، أو اعتقد أن حكم غير الله مثل حكم الله، أو اعتقد أن حكم غير الله أحسن من حكم الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} [المائدة: ٤٤].
ويكون ظالماً إذا اعتقد أن الحكم بما أنزل الله أحسن الأحكام، وأنه أنفع للبلاد والعباد، وأن الواجب تطبيقه، ولكن حمله البغض أو الحسد للمحكوم عليه حتى حكم بغير ما أنزل الله، فهذا ظالم لنفسه وغيره: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ