تتعلق بالمخلوق نفسه، أو تتعلق بغيره؛ لتكون هذه الأخلاق سبباً لمحبة الله له، ومحبة الناس له.
الثالثة: الإيثار، وهو درجة الكمال للأخلاق، وهو أن يفضل الإنسان غيره، ويقدم حاجة أخيه على حاجته، وأن يحسن إلى من لا يحسن إليه.
فالله عزَّ وجلَّ مع كونه غنياً قادراً يغفر للعاصين، ويرزق المؤمنين والعاصين والكافرين على حد سواء؛ لأنه لا رازق غيره، ولا رب سواه، ولا أكرم منه.
فعلى الإنسان أن يقضي حوائج الآخرين قبل أن يقضي حوائجه، ويخدم خلق الله قبل أن يخدم نفسه؛ لينال الأجر، ويكسب محبة الله ومحبة خلق الله، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحبون كل مؤمن: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر: ٩].
الرابعة: الإكرام، ودرجة الإكرام درجة خاصة لا يستحقها غير أهل التقوى من المسلمين.
فالدرجات الثلاث الأُوَل لجميع الناس، أما الدرجة الرابعة فهي تخص المؤمنين فقط.
فالمسلم مهما بلغ من الضعف والتقصير لا يمكن إهماله وتركه، بل نبذل الجهود في إرشاده وتعليمه بالرفق واللين، والترغيب والترهيب.
فهو كالمريض تجب مداواته، والعناية به، حتى يعود إلى صحته.
فالله قد اختاره وزينه بالإيمان، وأكرمه بالإسلام، وأدخله إلى بيته:
فإذا تغيرت أحواله وساءت أخلاقه لزم إكرامه ونصحه، وترغيبه وإرشاده حتى يعود إلى ربه، وبالإكرام والتذكير تتغير القلوب، ثم يتغير عمل الجوارح كما يحي الله بالماء الأرض بعد موتها كما قال سبحانه: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا