وخلق سبحانه التراب والجبال، وخلق البحار والرياح، وخلق الماء والنار، وخلق النبات والحيوان، وخلق الإنس والجان، وخلق كل شيء فقدره تقديراً.
وهذه المخلوقات العظيمة وغيرها مما لا يعلمه إلا الله، ولا يمكن لأحد أن يعدها أو يحصيها أو يحيط بها، كلها دالة على كمال قدرة الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)} ... [الزمر: ٦٧].
فسبحان العظيم كامل العظمة، القوي كامل القوة، القادر كامل القدرة الذي خلق السموات والأرض، وخلق الدنيا والآخرة، وهو على كل شيء قدير.
وكل ما خلقه الله فهو إ حسان إلى عباده، ولهذا كان الله مستحقاً للحمد على كل حال، وكل المخلوقات التي خلقها الله عزَّ وجلَّ هي من آلائه، والآلاء هي النعم.
والنعم كلها من آياته الدالة على ذاته المقدسة ووحدانيته وكمال علمه وقدرته، وفيها منافع لعباده غير الاستدلال كما في خلق الشمس والقمر، والليل والنهار، والنبات والحيوان، فإن هذه كلها من آياته، وفيها نعم عظيمة على عباده غير الاستدلال.
فهي توجب الشكر لما فيها من النعم، وتوجب التذكر لما فيها من الدلائل على عظمة البارئ وقدرته كما قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)} [الفرقان: ٦٢].
وكل عبد يدعوه إلى عبادة الله داعيان:
داعي الشكر .. وداعي العلم.
فإنه يشهد نعم الله التي لا تحصى مبذولة لكل مخلوق، وذلك داع إلى شكرها، وقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها، والله تعالى هو المنعم المحسن، الذي كل ما بالعباد من نعمة فمنه وحده لا شريك له.