للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلت الدنيا على طلبة العلم، ودخل فيهم من يطلب العلم لا لله، بل لأمر يريده من جاه أو مال.

ثم اشتغل أناس من أهل الإيمان بالتزكية فلازموا المساجد، وتركوا الساحة للشيطان، يعيث في الخلق فساداً.

ثم دخل فيهم ونافسهم أهل البدع والأهواء، فاشتغلوا بالتزكية الإبليسية، وتبعهم أناس على ذلك، وبذلك انتشرت البدع، وصارت ديناً يعبد الله به، ويتقرب إليه به.

ثم ذهبت حقيقة العبادة وروحها، وبقيت في أكثر الأمة صورة العبادة ثم خرجت الأخلاق من المعاملات والمعاشرات، وترك أكثرهم الدعوة إلى الإيمان والأعمال، وأقاموا مكانها الدعوة إلى الأموال والأشياء ..

فقامت الدنيا .. وقعد الدين .. وزاد المال .. وقل الإيمان .. وكثرت الأشياء .. وقلت الأعمال .. وقعد أكثر الناس على موائد الدنيا .. وقاموا عن موائد الآخرة؟ .. وتسابق أكثر الناس إلى سنن اليهود والنصارى .. وتركوا سنن الأنبياء والمرسلين ..

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» متفق عليه (١).

فخير القرون قرن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم، الذين فيهم الإيمان، والعبادة، والدعوة، والتعليم، والجهاد، ومكارم الأخلاق، ثم يليهم من بعدهم .. ثم من بعدهم .. ثم خيرهم مِنْ بعدهم من اتصف بصفاتهم، وعمل كأعمالهم، وتخلق بأخلاقهم.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» متفق عليه (٢).


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٤٥٦)، ومسلم برقم (٢٦٦٩). واللفظ له.
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٦٥٢)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>