يوجب شكراً، فلا يزال شاكراً لربه، معتذراً إليه من تقصيره، سائراً إليه بين مطالعة منة الله، وشهود عيب نفسه.
وحسن الخلق مع الناس جماعه أمران:
بذل المعروف قولاً وفعلاً .. وكف الأذى قولاً وفعلاً.
ففي المعاملات مع الناس يكون سمحاً لحقوقه، لا يطالب بها غيره، ويوفي ما يجب عليه لغيره منها:
فإن مرض ولم يعد .. أو قدم من سفر فلم يزر .. أو ضاف فلم يكرم .. أو أحسن فلم يشكر .. أو تكلم فلم ينصت له .. أو استأذن فلم يؤذن له .. أو خطب فلم يزوج .. وما أشبه ذلك لم يغضب ولم يعاقب، ولم يتنكر من حاله حال، ولا يقابل ذلك بمثله.
بل يضمر أنه لا يعتد بشيء من ذلك، ويقابل كلاً منه بما هو أحسن وأفضل، واقرب منه إلى البر والتقوى.
ثم يكون في إيفاء ما يكون عليه أفضل وأحسن وأجمل، فإذا مرض أخوه المسلم عاده .. وإن استمهله في قضاء دين أمهله .. وإن جاء في شفاعة شفعه .. وإن احتاج منه إلى معونة أعانه .. وإن استسمحه في بيع سمح .. ولا ينظر ولا يلتفت إلى سوء معاملته له فيما خلا.
إنما يتخذ الأحسن إماماً لنفسه، ويسبق إلى كل فضيلة، ويأنف من كل رذيلة، ويتجاوز لإخوانه عن كل سيئة، ويعفو ويصفح، ويتبع السيئة الحسنة: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} [فصلت: ٣٤،٣٥].
وبحسب قوة إيمان العبد، وكمال تصديقه بالجزاء، ومعرفة حسن موعود الله وثوابه، يسهل على العبد تحمل ذلك، والقيام به، ويلذ له الاتصاف به.
وحسن السمت من أخلاق الأنبياء والصالحين، وهو دليل على كمال الإيمان