وللفراسة سببان:
أحدهما: جودة ذهن المتفرس، وحدة قلبه، وحسن فطنته.
الثاني: ظهور العلامات والأدلة على المتفرس فيه.
فإذا اجتمع السببان لم تكد تخطئ للعبد فراسة، وإذا انتفيا لم تكد تصح له فراسة، وإذا قوي أحدهما وضعف الآخر، كانت فراسته بين بين.
والحكمة في القرآن وردت على عدة أوجه:
الأول: صفة من صفات الله عزَّ وجلَّ، والمراد بها إيجاد الأشياء على غاية الأحكام والدقة كما قال سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)} [آل عمران: ١٨].
الثاني: القرآن الكريم كما قال سبحانه: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢)} [يس: ١،٢].
الثالث: السنة النبوية كما قال سبحانه: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)} [البقرة: ١٢٩].
الرابع: الموعظة كما قال سبحانه: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥)} [القمر: ٥].
الخامس: العلم والفقه كما قال سبحانه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} [البقرة: ٢٦٩].
السادس: النبوة كما قال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣)} [الزخرف: ٦٣].
السابع: الفهم كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢)} [لقمان: ١٢].
فسبحان الحكيم العليم الذي فتق الأرض بالنبات، وفتق الحبة عن الشجرة، وفلق ظلمة الليل عن ضوء النهار، وفلق ظلمة الجهل والشرك بنور الوحي والنبوة.