للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تنقصها.

فهذه ستة أنواع عليها مدار محاب الخلق:

فمحبة الله تعالى أصل المحاب المحمودة، وأصل الإيمان والتوحيد، والنوعان الآخران تبع لها.

والمحبة مع الله أصل الشرك والمحاب المذمومة، والنوعان الآخران تبع لها، ولا عيب على الإنسان في محبة زوجته وعشقه لها، إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له، من محبة الله ورسوله، وزاحم حبه حب الله ورسوله.

فكل محبة زاحمت حب الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهي مذمومة.

وإن أعانت على محبة الله ورسوله وطاعته، وكانت من أسباب قوتها فهي محمودة كالطعام الطيب، والشراب الحلو البارد، والحلواء والعسل، ونحو ذلك، فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله، بل قد تجمع الهم والقلب على التفرغ لمحبة الله، فهذه محبة طبيعية تتبع نية صاحبها وقصده بفعل ما يحبه.

فإن نوى الإنسان به القوة على أمر الله تعالى، والاستعانة به على طاعته، كان ذلك قربة إلى الله.

وإن فعل ذلك بحكم الطبع والميل المجرد لم يثب، ولم يعاقب.

فالمحبة النافعة: هي التي تجلب لصاحبها ما ينفعه من السعادة والنعيم.

والمحبة الضارة: هي التي تجلب لصاحبها ما يضره من الشقاء والعذاب.

وكل حي فله إرادة وعمل بحسبه، وكل متحرك فله غاية يتحرك إليها، ولا صلاح له إلا أن تكون غاية حركته، ونهاية مطلبه هو الله وحده.

والحركة الطبيعية سببها ما في المتحرك من الميل، والطلب لكماله وانتهائه، كحركة النار للعلو، وحركة النبات للنمو.

والحركات الإرادية كلها تابعة للإرادة والمحبة التي تحرك المريد إلى فعل ما يفعله.

فالمحبة هي التي تحرك المحب في طلب محبوبه الذي يكمل بحصوله له:

<<  <  ج: ص:  >  >>