للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسومة، والأنعام والحرث، وهذه ثلاثة أنواع، ولها ثلاثة أحكام:

فإن أحبها توصلاً إلى طاعة الله، واستعانة بها على مرضاته، فهذه يثاب عليها.

وإن أحبها موافقة لطبعه وهواه، ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه، كانت من المباح الذي لا يعاقب عليه، ولكنه ينقص من كمال محبة الله.

وإن كانت هي المقصودة، وقدمها على ما يحب الله، كان ظالماً لنفسه، متبعاً لهواه، فهذه تقدح في كمال الإخلاص ومحبة الله، ولا تخرج من الإسلام.

والمحبة إذا كانت صادقة أوجبت للمحب تعظيماً لمحبوبه يمنعه من الانقياد إلى غيره، فالتعظيم إذا كان مجرداً عن الحب لم يمنع انقياد القلب إلى غير المعظم، وكذلك إذا كان الحب خالياً من التعظيم لم يمنع المحب أن ينقاد إلى غير محبوبه.

فإذا اقترن الحب بالتعظيم، وامتلأ القلب بهما، امتنع انقياده إلى غير المحبوب.

والمحبة نوعان:

أحدهما: محبة خاصة، وهي المحبة المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم، وكمال الطاعة، وإيثاره على غيره، وهذه المحبة لا يجوز تعليقها بغير الله أصلاً، ولا تصلح إلا لله وحده، ومتى أحب بها غير الله كان شركاً لا يغفره الله.

والمقصود من الخلق والأمر إنما هو هذه المحبة، وهي أول دعوة الرسل، وآخر كلام العبد المؤمن الذي إذا مات عليه دخل الجنة، اعترافه وإقراره بهذه المحبة، وإفراد الرب بها.

فهو أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا إلى الله، وجميع الأعمال كالأدوات والآلات لها، وجميع المقامات وسائل إليها، وأسباب لتحصيلها وتكميلها وتحصينها، فهي روح الإيمان، وساق شجرة الإسلام، وروح الإيمان والأعمال التي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ولأجلها أنزل الله الكتاب والحديد، فالكتاب هاد إليها، ودال عليها، ومفصل لها، والحديد لمن خرج عنها، وأشرك فيها مع الله غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>