الثالث: طريق أهل الضلال، وهي طريق من عرف الحق وضل عنه.
وسنة الله عزَّ وجلَّ سير الحق تدريجياً شيئاً فشيئاً، يظهر ويرتفع مستواه كالنبات ينمو شيئاً فشيئاً.
فلا نستعجل ظهوره، بل نصبر ونستمر حتى ينتشر الحق ويرتفع مستواه بما يشاء، كما أيد الأنبياء والرسل، وأظهر دينهم، وخذل أعداءهم.
وإذا اشتدت الأمور والأحوال نثبت على الحق، ولا نخالف الأوامر ولا نغير الترتيب، فالله يسمع ويرى ويعلم ما يفعله أهل الحق، وما يفعله أهل الباطل.
فأبو بكر - رضي الله عنه - لما توفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وارتدت العرب، لم يغير شيئاً أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنفذ جيش أسامة مع شدة الأحوال، وبعث الجيوش لحرب المرتدين مع شدة الأحوال، فكان نصر الله، وعاد الناس إلى الدين.
والنصر والتأييد يأتي تدريجياً، وأحياناً يتأخر لحكمة حتى يقول الناس متى نصر الله؟.
فلا نيأس ولا نمل، بل نستمر وندعو الله وننتظر الفرج، فتلك سنة الله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)} [البقرة: ٢١٤].
فلا بدَّ مع الدعوة والعمل من الدعاء.
ولكن الأمة لما تركت الجهد والعمل لم تجد لذة الدعاء والمناجاة، وجاء الشك في الدعاء، وهذا مرض كبير، وإذا قمنا بجهد الدعوة فالله عزَّ وجلَّ يعطينا قوة الدعاء، ولذة المناجاة.
وقد عرض الله عزَّ وجلَّ الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبت حملها، وأشفقت منها، وحملها الإنسان فيما بينه وبين ربه، وفيما بينه وبين الخلق، فإن قام بها أثابه الله، وإن فرط فيها عاقبه الله.
فكل إنسان متحمل أمانة نفسه بأن يحملها على طاعة الله، واجتناب معصيته،