للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يغلب الكفار على المسلمين في موقعة أو في فترة، ولكنهم لا يتغلبون على هذا الدين ولا على كتابه، فلن يبطلوه أو ينقصوه، أو يحرفوه: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

لكن الله جلّ جلاله لا يخلي الأرض من عصبة مؤمنة تحفظ الدين، وتقوم به ويبقى فيها كاملاً محفوظاً حتى تسلمه إلى من يليها من أهل العلم والإيمان والتقوى وصدق الله وعده، فما كان للكفار أن ينالوا من ذات الدين أبداً، وما كان لهم أن ينالوا من أهله إلا أن ينحرف أهله عنه.

والناس صنفان:

عالم .. وأعمى.

فما ثم إلا عالم أو أعمى، فأهل الجهل بمنزلة العميان الذين لا يبصرون، وأهل الجهل صم بكم عمي، وكما لا يستوي الأعمى والبصير كذلك لا يستوي العالم والجاهل كما قال سبحانه: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٩)} [الرعد: ١٩].

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

والله عزَّ وجلَّ خلق نورين في هذا العالم للتمييز بين الأشياء كالسماء والأرض وأشكال النبات والحيوان.

وخلق هذين النورين لاستفادتنا، النور الخارجي كنور الشمس والقمر، والنور الداخلي وهو نور العين.

ولكن بهذين النورين لا نستطيع أن نميز بين الكفر والإيمان، وبين الحق والباطل، فالإيمان والأعمال والصفات لا تظهر بهذين النورين.

فجعل الله لمعرفة ذلك نورين آخرين وهما:

نور أنزله الله من السماء، وهو القرآن هدى ونور، والنور الآخر أمرنا الله أن نجتهد حتى يأتي في قلوبنا وهو نور الإيمان الذي يقذفه الله في قلب من يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>