ونحوهم، والعدل هنا يكون بالإكرام والتوقير، وعدم الاستطالة عليهم، وتجنب الإدلاء، وكف الأذى عنهم، وبذل النصح لهم.
ولا يملك الإنسان الناس إلا بأمرين:
العمل فيهم بالشرع .. والتحبب إليهم بالإحسان.
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠)} [النحل: ٩٠].
وكل ما في الكون من رحمة ونفع ونعمة ومصلحة فهو من فضله تعالى، وما في الوجود من غير لك فهو من عدله: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠)} [يونس: ٦٠].
فكل نعمة من الله فضل، وكل نقمة منه عدل كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى: ٣٠].
يد الله اليمنى فيها الإحسان إلى الخلق، ويده الأخرى فيها العدل والميزان، الذي به يخفض ويرفع، فخفضه ورفعه من عدله، وإحسانه إلى خلقه من فضله.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَدُ الله مَلأى لا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَقَالَ: أرَأيْتُمْ مَا أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ» متفق عليه (١).
وهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
وأفعال الله عزَّ وجلَّ دائرة بين العدل والإحسان .. ولا يمكن أن يظلم أحداً مثقال ذرة ولا أقل من ذلك.
فهو سبحانه إما أن يعامل عباده بالعدل .. وإما أن يعاملهم بالإحسان فالمسيء يعامل بالعدل كما قال سبحانه: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠)} [الشورى: ٤٠].
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٤٦٨٤)، واللفظ له، ومسلم برقم (٩٩٣).