ديوان لا يغفر الله منه شيئاً وهو الشرك بالله، فإن الله لا يغفر أن يشرك به.
وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئاً، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً، فإن الله تعالى يستوفيه كله.
وديوان لا يعبأ الله به وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عزَّ وجلَّ، فإن هذا الديوان أخف الدواوين، وأسرعها محواً، فإنه يمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة ونحو ذلك، بخلاف ديوان الشرك، فإنه لا يمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم لا يمحى إلا بالخروج منها، واستحلال أهلها.
وظلم العباد يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير إذنه، ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها؛ لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار.
وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة في القلب، ولو استنار بنور الهدى لطلب العدل والإحسان.
والظلم أنواع:
فأظلم الظلم الشرك بالله: وهو وضع العبادة في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، كما قال سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} [لقمان: ١٣].
فالشرك أظلم الظلم واشده وأكبره؛ لأن فيه صرف العبادة لغير مستحقها، ووضعها في غير مكانها.
وأكثر الناس لا يعرفون إلا ظلم الأموال، وأما ظلم الشرك فلا يعرفونه، فالله عزَّ وجلَّ أعدل العادلين، وأحكم الحاكمين، وأكرم المحسنين: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} [النساء: ٤٠].
وظلم الإنسان نفسه: ألا يعطيها حقها، كمنعها من الطعام والشراب، أو يحملها ما لا تطيق كأن يصوم فلا يفطر، أو يحملها على الكفر والمعاصي، ولا يمكنها