للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأنبياء لم يبعثوا بالعبادات فقط، بل بعثهم الله بالتوحيد والإيمان، وحل جميع المشاكل الإنسانية في الدنيا والآخرة:

في العبادات، والمعاملات، والمعاشرات، والأخلاق.

فالصلاة أمر من أوامر الله، لا بدَّ أن تكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكذلك المعاملات كلها لها أوامر من الله، فلا بدَّ أن تكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذا المعاشرات والأخلاق، فالله أرسل الأنبياء بالدين الكامل، ومن ظن أن الدين عبادات فقط، أما باقي شعب الحياة فالناس أحرار يفعلون ما يشاءون فقد أخطأ وضل وأضل، وقال على الله ما لا يعلم.

فلا يجوز أن تكون العبادات على طريقة محمد - صلى الله عليه وسلم - .. والتصرف في الأموال على طريقة قارون .. ومزاولة الملك على طريقة فرعون .. والتجارة على طريقة اليهود .. وتناول الشهوات على طريقة النصارى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦)} [البقرة: ٨٥، ٨٦].

إن الله عزَّ وجلَّ له أوامر في كل شيء، من أطاع الله فيها فهو رابح، ومن عصى الله فيها فهو خاسر، والأنبياء بينوا هذه الأوامر في شعب الحياة كلها، وذلك لتدخل حياة الأنبياء في حياة الناس.

فمقصدنا في التجارة ليس جمع المال، بل مقصدنا الاستعانة به على طاعة الله، وإفادة الناس منه، وامتثال أوامر الله فيه، والاستغناء به عن سؤال الناس.

وإذا طلب التاجر الدنيا مرائياً مفاخراً غضب الله عليه، وعذبه بماله في الدنيا وفي الآخرة: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} [التوبة: ٥٥].

والمسلمون في مكة في بداية الدعوة لم يكن لهم سلطان على أنفسهم ولا على

<<  <  ج: ص:  >  >>