الطاغوت بالشرك، ويتحرجون من هذه، ولا يتحرجون من تلك، إن هؤلاء لا يقرؤون القرآن كما أنزل، ولا يفقهون نصوصه، ولا يدركون كلياته، فليقرؤوا القرآن فهو مملوء بتقرير ذلك كما قال سبحانه: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} [الأنعام: ١٢١].
وكثير من المتحمسين لهذا الدين يشغلون بالهم وبال الناس، ويصرفون أوقاتاً طويلة وجهوداً كثيرة لبيان أن هذا القانون الصادر من الطاغوت منطبق على شريعة الله أو غير منطبق، وتأخذهم الغيرة على بعض المخالفات هنا وهناك، كأن الإسلام كله قائم لا ينقصه إلا زوال هذه المخالفات.
هؤلاء وأمثالهم يؤذون الدين من حيث لا يشعرون، بل يطعنونه الطعنة النجلاء بمثل هذا التصرف.
إنهم يغرفون الطاقة الإيمانية الباقية في نفوس الناس في هذه الاهتمامات الجزئية، وإن كانت مطلوبة من كل أحد، لكنهم يتركون الأهم والأولى وهو التحاكم إلى الطاغوت، وقد أمروا أن يكفروا به.
إنهم يؤدون بهذا شهادة ضمنية لهذه الأوضاع الجاهلية، بأن هذا الدين قائم فيها، لا ينقصه إلا أن تصحح هذه المخالفات، بينما الدين كله متوقف عن الوجود أصلاً، ما دام لا يتمثل في نظام وأوضاع الحكم فيها لله وحده لا لغيره من العباد والطواغيت الذين جعلوا لأنفسهم حق التشريع بالإباحة والمنع في الأنفس والأموال والأولاد.
إن الله تبارك وتعالى يقرر في كتابه، بل غالباً في كل آية، أن الله وحده له الخلق والأمر، وله الحكم وحده لا شريك له، وأنه الذي يستحق الطاعة والعبادة وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ