للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالضروريات: كجمع المصحف وكتابته في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، فليس هذا من باب البدعة الحسنة، وإنما هو من باب المصالح المرسلة، لحفظ القرآن من الضياع.

فهذا العمل مصلحة ظاهرة، لم يشهد لها الشرع باعتبار ولا إلغاء.

والحاجيات والتحسينات:

كالحاجة إلى اتخاذ المحاريب في القبلة في المساجد، وزيادة عثمان الأذان الثاني للجمعة، تذكيراً للناس بقرب الوقت، وتحقق مصلحة حضور الناس، ولم يشهد الشرع لهما باعتبار ولا إلغاء.

فالأولى من قبيل الحاجة .. والثانية من قبيل التحسينات والكمالات، ومثلها اتخاذ المنارات ومكبرات الصوت لسماع الخطبة والأذان والتكبير والقراءة.

فهذه كلها من المصالح المرسلة التي لم يشهد لها الشارع باعتبار ولا إلغاء.

والمصالح المرسلة لا تراد لذاتها، وإنما تراد لحفظ واجب أو أدائه، أو درء مفسدة أو جلب منفعة.

أما البدع المحدثة فهي تراد لذاتها، وهي تشريع يضاهى به شرع الله مقصود لذاته، لا وسيلة إلى غيره من جلب منفعة أو دفع مفسدة.

والتشريع المقصود بذاته من حق الله تعالى وحده، وغير الله لا يقدر على وضع عبادة تؤثر في النفس البشرية بالتطهير والتزكية، والإنسان ليس أهلاً لذلك أبداً.

وأسباب ظهور البدع في الأمة أمور:

الأول: الجهل بأحكام الدين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» أخرجه أبو داود والترمذي (١).


(١) صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٤٦٠٧)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (٣٨٥١).
وأخرجه الترمذي برقم (٢٦٧٦)، صحيح سنن الترمذي رقم (٢١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>