للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصلاة التي تؤدى دون شوق لها، وترقب لأوقاتها، لا تثمر ولا تأتي بحلاوتها، فالصلاة لها جسم وروح، ولكل منهما أوامر:

فجسم الصلاة: القيام والقعود، والركوع والسجود.

وروح الصلاة: الخشوع والخضوع، والحمد والتعظيم لله، ومحبته والأنس بمناجاته، والتضرع والانكسار بين يديه.

فمن الناس من يصلي صلاة الجوارح ولا يصلي صلاة القلب، ومنهم من يصلي صلاة القلب ولكن يجهل في أحكام الصلاة.

والنجاة والفلاح: أن يصلي المسلم كما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقلبه وقالبه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أصَلِّي» أخرجه البخاري (١).

والإيمان أكبر الأوامر، والصلاة أكبر الأعمال، فمن صلى صلاة كاملة تفتح له أبواب خزائن الله كاملة، ومن اجتهد على أوامر الله علماً وعملاً وتعليماً فتح الله له أبواب البركة في الدنيا كما سقى النبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء اللبن جميع أهل الصفة، وكما أطعم أهل الخندق كلهم من عناق جابر - رضي الله عنه -، وكما سقى الله أهل الحديبية من الماء الذي خرج من بين أصابع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما أنزل الله البركة في أموال الزبير وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما.

فالله عزَّ وجلَّ يعطي الرزق بدون الجهد مع كمال الإيمان والتقوى كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢، ٣].

والآخرة خير من الدنيا، ومنازل الآخرة كلها إنما تنال بالإيمان والتقوى لا بالأسباب والأموال والأشياء.

والمجاهد في سبيل الله حقاً هو الذي يحيي سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - الميتة في نفسه وفي الأمة، ويعلم الناس أمور دينهم، ويجتهد لإعلاء كلمة الله في الأرض، وهذا الذي تحصل له الهداية قبل الناس، وتكون معه معية الله كما قال سبحانه:


(١) أخرجه البخاري برقم (٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>