للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله سبحانه أنعم على الأغنياء بصنوف النعم يأكلون منها، ويزكون منها، ويتصدقون منها، وأداء الزكاة إلى الفقير من باب شكر النعمة.

والنفس ميالة إلى الحرص، ولما كانت النفس كذلك، وكان الجود مطلوباً جعلت الزكاة رياضة للنفس وتمريناً لها على الكرم شيئاً فشيئاً، حتى يصير الكرم لها عادة، وهذا أعظم جهاد للإنسان يزول به البخل عنه.

والزكاة فرض من فرائض الإسلام، والمسلم إذا لم يؤد فرضاً من فرائض الصلاة على الوجه المطلوب يكون غير مقبول، ويكون آثماً، فكذلك الزكاة إذا لم يؤدها الإنسان من طيبات ما رزقه الله لم تكن مقبولة، ويكون آثماً، فالكريم حقاً يجود بأحسن ما لديه، وهو في الحقيقة يختار لنفسه قبل غيره، وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ بالإنفاق من الطيبات وتجنب الخبائث كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)} [البقرة: ٢٦٧].

والله عزَّ وجلَّ أوجب الزكاة مواساة للفقراء، وطهرة للمال، وعبودية للرب، وتقرباً إليه بإخراج محبوب العبد له؛ إيثاراً لمرضاته.

وفرضها سبحانه على أكمل الوجوه وأنفعها للمساكين، وأرفقها بأرباب الأموال، ولم يفرضها في كل مال، بل فرضها في الأموال التي تحتمل المواساة ويكثر فيها الربح والدر والنسل.

ولم يفرضها العزيز الرحيم فيما يحتاج العبد إليه من ماله، ولا غنى له عنه كعبيده وداره وثيابه وسلاحه ومركوبه.

بل فرضها في أربعة أجناس من المال:

الذهب والفضة .. وعروض التجارة .. والزروع والثمار .. وبهيمة الأنعام.

فهذه أكثر أموال الناس الدائرة بينهم، وقسم الشارع كل جنس من هذه الأجناس إلى ما فيه الزكاة، وإلى ما لا زكاة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>