وبذلك صلحوا لكرامته، وصلحوا لمجاورة الرحمن في جنته.
ومن سبق في الدنيا إلى الخيرات فهو السابق في الآخرة إلى الجنات، فالسابقون أعلى الخلق درجات كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)} [الواقعة: ١٠ - ١٢].
وكم لله من نعمة في بعثة رسوله الكريم بهذا القرآن العظيم الذي فيه تبيان كل شيء، فهو حجة الله على العباد كلهم، انقطعت به حجة الظالمين، وانتفع به المسلمون كما قال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} [النحل: ٨٩].
فصار هذا الكتاب المبارك هدى للمسلمين، يهتدون به إلى أمر دينهم ودنياهم، ورحمة ينالون بها كل خير في الدنيا والآخرة، وبشرى يبشرهم بكل خير ونعيم وسعادة في الدنيا والآخرة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣)} [الكهف: ١ - ٣].
والله تبارك وتعالى جواد كريم رؤوف بالعباد:
خلق الناس في أحسن تقويم .. وأسكنهم في الأرض .. ورزقهم من الطيبات .. وآتاهم من كل ما سألوه .. وجعل لهم العقول والأسماع والأبصار .. وأنزل عليهم كتبه .. وأرسل إليهم رسله .. وشرع لهم أفضل شرائع دينه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} [آل عمران: ١٦٤].
وهداهم إلى ما يسعدهم في الدنيا والآخرة .. ودلهم على ما يحببهم إليه ويقربهم منه بعبادته وطاعته .. فأمرهم بكل خير .. وحذرهم من كل شر .. ووعدهم على ذلك الأمن والسعادة في الدنيا .. والجنة والرضوان في الآخرة