وكل من انصرف من الناس عن الإيمان والأعمال الصالحة صرف الله قلبه عن القرآن وتدبره والانتفاع به كما قال سبحانه عن المنافقين: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)} [التوبة: ١٢٧].
فصرف الله قلوبهم عن القرآن وعن الحق؛ لأنهم ليسوا أهلاً له، والمحل غير صالح ولا قابل.
وإبليس لما عصى ربه، ولم يستجب لأمره، وأبى واستكبر، وأصر على ذلك، عاقبه الله بأن جعله داعياً إلى كل معصية، وهكذا العبد إذا أعرض عن ربه سبحانه، وأصر ولم يتب، جازاه الله بأن يعرض عنه، فلا يمكنه من الإقبال عليه؛ لأنه استمر في طغيانه، وازداد في كفره، فطبع على قلبه، وسد عليه طرق الهداية كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٦٩)} [النساء: ١٦٨ - ١٦٩].
وأسباب وقوع الإنسان في المعاصي والذنوب:
إما بالغفلة عن الله .. أو بالغفلة عن أوامر الله .. أو بالغفلة عن اليوم الآخر .. أو يعتقد أن الوعيد ليس على ظاهره .. أو يذهل عن التحريم .. أو لا يستحضر عظمة الرب وشدة بأسه .. أو لفرط الشهوة .. بحيث تقهر مقتضى الإيمان وتغمره .. أو يزين له الشيطان المعصية ويغويه .. أو يغلب عليه جانب الرجاء، ونحو ذلك.
والطاعات والمعاصي متفاوتة في درجاتها، ومنافعها ومفاسدها، وثوابها وعقابها.