وإنما كانت معصية الله سبباً لمحق بركة الرزق والأجل وغيرها؛ لأن الشيطان موكل بها وبأصحابها، وكل شيء اتصل به الشيطان فبركته ممحوقة، وكل شيء لا يكون لله فبركته منزوعة.
فإن الله هو الذي يبارك وحده، والبركة كلها منه، وكل ما نُسب إليه مبارك من الكلام، والأنبياء، والأزمنة، والأمكنة، والأعمال، والعبيد كما قال سبحانه عن كتابه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥)} [الأنعام: ١٥٥].
وقال رسوله عيسى - صلى الله عليه وسلم -: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١)} [مريم: ٣١].
وقال عن بيته الحرام: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦)} [آل عمران: ٩٦].
وضد البركة اللعنة، فأرض لعنها الله، أو أمة لعنها الله، أو شخص لعنه الله، أو عمل لعنه الله، هو أبعد شيء من الخير والبركة، وكل ما اتصل بذلك فلا بركة فيه البتة.
وقد لعن الله عدوه إبليس، وجعله أبعد خلقه منه، فكل ما كان من جهته فله من لعنة الله بقدر قربه منه، واتصاله به.
ولعن سبحانه الكافرين والظالمين، وكل من آذى الله ورسوله، ولعن الكاذبين والمفسدين، ولعن من كتم ما أنزل الله من البينات والهدى كما قال سبحانه: