وفرق بين من يحمله على ترك المعصية خوفه من سوط سيده وعقوبته، وبين من يحمله على ذلك حبه لسيده.
ومنها خوف الله وخشية عقابه الذي توعد به من عصاه كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)} [النساء: ١٤].
وإذا امتلأ قلب المؤمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه منعه ذلك من معصيته حياء وطاعة لربه، وما عمر القلب شيء كالمحبة المقترنة بإجلال الله وتعظيمه.
ومنها شرف النفس وفضلها وأنفتها أن تختار ما يحطها ويضع من قدرها، ويسوي بينها وبين السفلة.
ومنها قوة العلم بسوء عاقبة المعصية، وقبح أثرها، والضرر الناشئ منها من سواد الوجه، وظلمة القلب، وشدة قلقه واضطرابه، وضعفه عن مقاومة عدوه، وتعريته من زينته، وتخلي وليه وناصره عنه، وتولي عدوه المبين له.
ومنها أن العبد بسبب المعصية يصير أسيراً بيد أعدائه، بعد أن كان ملكاً متصرفاً يخافه أعداؤه.
ومنها زوال أمنه، وتبدله به مخافة، فأخوف الناس أشدهم إساءة.
ومنها زوال الأنس، فكلما ازداد العبد إساءة ازداد وحشة.
ومنها زوال الطمأنينة بالله، والسكون إليه، وزوال الرضا، واستبداله بالسخط ومنها وقوع العاصي في بئر الحسرات، فلا يزال في حسرة دائمة، كلما نال لذة نازعته نفسه إلى نظيرها أو غيرها إن قضى وطره منها.
وكلما اشتد نزوعه .. وعرف عجزه اشتدت حسرته وحزنه.
ومنها فقره بعد غناه، فإنه كان غنياً بما معه من رأس مال الإيمان، وهو يَتَّجِرُ به ويربح الأرباح الكثيرة من الأعمال الصالحة.
ومنها نقصان رزقه، فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه.