فلما كذبوا موسى، وردوا ما جاء به وأضلوا قومهم عن الهدى، وزاد طغيانهم وأذاهم، ساقهم الله إلى مصارعهم، وعاقبهم بسوء صنيعهم، وحاق بفرعون وآله سوء العذاب.
فلما يئس موسى من إيمانهم بعد ما رأوا الآيات البينات، وحقت عليهم كلمة العذاب، وآن لبني إسرائيل أن ينجيهم الله من أسرهم، ويمكِّن لهم في الأرض كما وعدهم، أوحى الله إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج بهم: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢)} [الشعراء: ٥٢].
فماذا حصل من فرعون وقومه لما علموا بخروج موسى وبني إسرائيل؟.
لقد حشر فرعون جيشاً عظيماً من مدائن مصر للقضاء على موسى ومن آمن معه: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (٥٦)} [الشعراء: ٥٣ - ٥٦].
فأخرجهم الله بحسن تدبيره من بساتين مصر، وجنانها الفائقة، وعيونها المتدفقة، وزروعهم وفواكههم المختلفة، وساقهم إلى مصارعهم كما قال سبحانه: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨)} [الشعراء: ٥٧ - ٥٨].
وأورث بني إسرائيل فيما بعد هذه الجنات والبساتين والزروع والعيون والمقام الكريم كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩)} ... [الشعراء: ٥٩].
فتبع فرعون وقومه موسى وقومه وأدركوهم عند شروق الشمس كما قال سبحانه: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢)} [الشعراء: ٦٠ - ٦٢].