كان الوازع عنه طبيعياً، وليس في الطباع داع إليه، اكتفى فيه بالتحريم مع التعزير، ولم يرتب عليه حداً كأكل الرجيع، وأكل الميتة، وشرب الدم ونحو ذلك، وما كان في الطباع داع إليه رتب عليه من العقوبة بقدر مفسدته، وبقدر داعي الطبع إليه كالقتل والزنا والسرقة، وجعل عقوبتها: القصاص والرجم والجلد.
ولما كان داعي الطبع إلى الزنا من أقوى الدواعي كانت عقوبته العظمى من أشنع القتلات وأعظمها وهي الرجم، وعقوبته الدنيا أعلى أنواع الجلد مع التغريب، فالجلد للبكر، والرجم للثيب.
ولما كانت جريمة اللواط فيها الأمران، كان حده القتل بكل حال.
وجعل سبحانه القتال بإزاء الكفر، وما يليه ويقرب منه وهو الزنا وعمل قوم لوط، فإن هذا يفسد الأديان، وهذا يفسد الأنساب.
وجعل سبحانه القطع بإزاء إفساد الأموال الذي لا يمكن الاحتراز منه.
وجعل الجلد بإزاء إفساد العقول، وتمزيق الأعراض بالقذف.
وكما جعل الله للطاعات ثواباً، فقد جعل للمعاصي عقاباً.
والذنوب ثلاثة أقسام:
الأول: قسم فيه الحد، فهذا لم يشرع فيه كفارة؛ اكتفاءً بالحد الشرعي كالقتل قصاصاً، وكسرقة المال فيها القطع، وشرب الخمر فيه الجلد ونحوهما.
الثاني: قسم ليس فيه حد، لكن شرعت فيه الكفارة كالوطء في نهار رمضان، والوطء في الإحرام، والظهار، وقتل الخطأ، والحنث في اليمين ونحو ذلك.
الثالث: قسم لم يرتب عليه حد ولا كفارة، وهو نوعان:
أحدهما: ما كان الوازع عنه طبيعياً كأكل العذرة والنجاسات، وشرب البول والدم ونحو ذلك.
الثاني: ما كانت مفسدته أدنى من مفسدة ما رتب عليه الحد كالنظر، والقبلة ونحوهما.