وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» متفق عليه (١).
وإذا استقام الناس استقامت ملوكهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم.
فسبحان من جميع أقضيته وأقداره جارية على مقتضى الحكمة، بل على أتم وجوه الحكمة والصواب، ولكن العقول الضعيفة محجوبة عنها وعن إدراك أسرارها.
وإذا منع الناس الزكاة وحرموا المساكين حبس الله الغيث عنهم وابتلاهم بالقحط، فلما منعوا حق المساكين منع الله عنهم مادة القوت والرزق، وهو الماء.
والله منعم على جميع العباد، ولا يغير سبحانه نعمه التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غَيَّر، غَيَّر الله عليه، جزاء وفاقاً: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣)} [الأنفال: ٥٣].
ومن غض بصره عن المحرمات عوضه الله إطلاق بصيرته في العلم والإيمان والمعرفة، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره، ولم يغضه عن محارم الله، فكما حبس بصره لله أطلق الله نور بصيرته، ومن أطلق بصره في المحارم حبس الله عنه بصيرته ولهذا وغيره قال سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٤٢٣)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٠٣١).