ويهوَّن على العاصي ترك الذنوب إذا علم أنه سوف يحاسب عليها، وأنه سوف يمكث في النار بحسب قلتها أو كثرتها، وأنه في الدنيا لا يطيق حرارة الشمس ولا شدة البرد، فكيف يطيق عذاب نار جهنم؟.
وعذاب الدنيا الذي يحصل للعصاة بسبب معاصيهم شديد، وعذاب الآخرة أشد وأبقى وأخزى:
وذلك بسبب قوته وشدته .. وبسبب دوامه وعدم انقطاعه .. وبسبب كثرة أنواعه .. وبسبب اليأس من زواله .. وبسبب أنه لا يختلط به شيء من موجبات الراحة كما قال سبحانه عن الكفار والعصاة: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٣٤)} [الرعد: ٣٤].
وكل من كملت عظمة الخالق في قلبه عظمت عنده مخالفته.
ومن عرف قدر نفسه، وفقرها الذاتي إلى مولاها، وشدة حاجتها إليه، عظمت عنده الجناية، ومخالفة من هو شديد الضرورة إليه في كل لحظة.
ومن عرف حقارة الجناية مع عظم قدر من خالفه، عظمت عنده الجناية، فشمر في التخلص منها.
وبحسب تصديق الإنسان بالوعيد، ويقينه به، يكون تشميره في التخلص من الجناية التي تسبب عقوبته وهلاكه كما قال سبحانه: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (١٤)} [إبراهيم: ١٤].
والمعاصي والبدع ضربان: صغائر .. وكبائر.
والكبائر: كل ما اقترن بالنهي عنه وعيد من لعن، أو غضب، أو عقوبة، وكل ما لم يقترن بالنهي عنه شيء من ذلك فهو صغيرة.
والمعصية والبدعة لا تكون صغيرة إلا بشروط:
الأول: أن لا يداوم عليها، فإن داوم عليها فهو مصر عليها، والإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة.
الثاني: أن لا يدعو الناس إليها، فما كان بين العبد وربه ترجى معه التوبة